كتب المركز العربي واشنطن دي سي أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب جعل دعمه غير المشروط لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة ركيزة أساسية في سياسته الخارجية. ينبع هذا الموقف من قناعة ترامب بأنّ تأييد نتنياهو يُرضي قاعدته الشعبية ويُميّزه عن بعض خصومه الديمقراطيين الذين يطالبون بزيادة الضغط على إسرائيل لوقف الحرب في غزة ومعالجة الأزمة الإنسانية هناك ودفع مسار حل الدولتين. لكنّ استطلاعات حديثة كشفت أنّ هذا الموقف يتعارض مع مواقف معظم الديمقراطيين وشرائح واسعة من المستقلين الذين يحتاج ترامب دعمهم، بل حتى بعض مؤيدي حركة "لنجعل أميركا عظيمة مجدداً" اعربوا عن تململ من هذا الانحياز المطلق لإسرائيل.

أشار المركز العربي واشنطن دي سي إلى أنّ سياسة ترامب الخارجية تقوم على الطابع الشخصي والتعاملات المباشرة. فقد قدّم في ولايته الأولى هدايا سياسية كبيرة لنتنياهو، أبرزها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية إليها، وإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، والاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان السوري، ودعم خطة سلام وضعتها إدارة صهره جاريد كوشنر بمرجعية إسرائيلية واضحة. ورغم توتر العلاقة بعد أن هنأ نتنياهو منافسه جو بايدن بفوزه في انتخابات 2020، سرعان ما أعاد الطرفان ترميمها خلال لقاء في منتجع مارالاغو.

أصيب ترامب بإحباط في ولايته الثانية لأنه لم يتمكّن من إنهاء حرب غزة كما وعد في حملته الانتخابية عام 2024، ما أضعف صورته كصانع سلام. ففي يونيو 2025، وبعد انخراط واشنطن وتل أبيب في ضربات ضد مواقع إيرانية، وجّه ترامب انتقادات للطرفين قائلاً إنهما "لا يعرفان ماذا يفعلان". وفي يوليو من العام نفسه، خالف علناً مزاعم نتنياهو بعدم وجود مجاعة في غزة، مؤكداً أنّه رأى "جوعاً حقيقياً" عبر شاشات التلفزيون.

مع ذلك، واصل ترامب لعب دور الحامي لنتنياهو. ألغى عقوبات فرضتها إدارة بايدن على مستوطنين متورطين في اعتداءات ضد الفلسطينيين، وأعاد تزويد إسرائيل بالقنابل الثقيلة التي أوقفت واشنطن تسليمها سابقاً خشية آثارها على المدنيين. كما فرضت إدارته عقوبات على قضاة المحكمة الجنائية الدولية بعد إصدار مذكرات توقيف ضد نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت. وهاجم ترامب وحلفاؤه قرارات أوروبية بدعم الدولة الفلسطينية، بينما وصف اعتراف فرنسا المرتقب بدولة فلسطين في الأمم المتحدة بأنّه "دعاية لحماس" و"إهانة لضحايا السابع من أكتوبر".

تراجع ترامب أيضاً عن دعم حل الدولتين الذي أيّده أسلافه. فخلال حملته عام 2024 صرّح بأنّ "حل الدولتين بات صعباً جداً"، وفي فبراير 2025 اقترح تفريغ غزة من سكانها لتحويلها إلى "ريفيرا شرق أوسطية". خلال ولايته الثانية، أيّد ضمنياً مشاريع الاستيطان الكبرى مثل خطة بناء 3 آلاف وحدة سكنية بين القدس ومستوطنة معاليه أدوميم، والتي اعتبرها وزير المالية الإسرائيلي اليميني بتسلئيل سموتريتش دفناً نهائياً لفكرة الدولة الفلسطينية.

رغم صمته الرسمي، حافظ ترامب على موقف إدارته الأولى بأنّ المستوطنات لا تُعتبر انتهاكاً للقانون الدولي. كما مجّد علاقته الشخصية بنتنياهو، واصفاً إياه بـ"البطل الحربي"، بل تعهّد علناً بالدفاع عنه في قضايا الفساد التي يواجهها، معتبراً المحاكمة "مطاردة سياسية".

على الصعيد الداخلي الأميركي، أبرزت استطلاعات الصيف الماضي تحولات مهمة في الرأي العام. أظهر استطلاع "جالوب" أنّ دعم الأميركيين للعملية العسكرية الإسرائيلية في غزة انخفض إلى 32% فقط، فيما عبّر 52% عن مواقف سلبية تجاه نتنياهو. وبيّن استطلاع "كوينيبياك" أنّ نسبة تأييد إسرائيل بين الأميركيين تراجعت إلى 37%، وهو أدنى مستوى تاريخياً. أما استطلاع "رويترز/إبسوس" فأظهر أنّ 58% من الأميركيين يؤيدون اعتراف جميع دول الأمم المتحدة بفلسطين كدولة مستقلة.

حتى داخل قاعدة ترامب، ارتفعت أصوات ناقدة، مثل النائبة مارجوري تايلور غرين التي رفضت "تمويل إبادة في بلد أجنبي"، والمعلق المحافظ تاكر كارلسون الذي دعا واشنطن إلى التوقف عن دعم إسرائيل. ورغم أنّ غالبية الجمهوريين ما زالت تؤيد سياسات ترامب المؤيدة لتل أبيب، إلا أنّ المستقلين، الذين يشكّلون نحو ثلث الناخبين، باتوا أكثر انتقاداً لسياسته، خصوصاً مع تزايد السخط على أدائه الاقتصادي والهجرة.

خَلُص التقرير إلى أنّ انتخابات منتصف الولاية عام 2026 قد تتحول إلى استفتاء على ترامب نفسه، لا مجرد سباق حزبي اعتيادي. وإذا لم ينه الحرب في غزة ويخفف معاناة الفلسطينيين، قد ينقلب الدعم المطلق لنتنياهو من رصيد سياسي إلى عبء ثقيل يضعف الجمهوريين ويقوّض فرص ترامب.
 

https://arabcenterdc.org/resource/trumps-support-for-netanyahu-a-political-liability/